سورة البينة - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البينة)


        


قوله تعالى {لم يَكُنِ الّذِينَ كَفَروا مِنْ أهْلِ الكِتابِ والمُشْرِكينَ مُنفَكِّينَ} معناه لم يكن الذين كفروا من اليهود والنصارى الذين هم أهل الكتاب، ولم يكن المشركون الذين هم عبدة الأوثان من العرب، وغيرهم الذين ليس لهم كتاب..
{منفكين} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: لم يكونوا منتهين عن الشرك {حتى تأتيهم البَيِّنَةُ} حتى يتبين لهم الحق. وهذا قول ثان: لم يزالوا مقيمين على الشرك والريبة حتى تأتيهم البينة، يعنى الرسل، قاله الربيع.
الثالث: لم يفترقوا ولم يختلفوا أن الله سيبعث إليهم رسولاً حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم وتفرقوا، فمنهم من آمن بربه، ومنهم من كفر، قاله ابن عيسى.
الرابع: لم يكونوا ليتركوا منفكين من حجج الله تعالى، حتى تأتيهم البينة التي تقوم بها عليهم الحجة، قال امرؤ القيس:
إذا قُلْتُ أَنْفَكَّ مِن حُبّها *** أبى عالقُ الحُبِّ إلا لُزوما
وفي {البيّنة} ها هنا ثلاثة أوجه:
أحدها: القرآن، قاله قتادة.
الثاني: الرسول الذي بانت فيه دلائل النبوة.
الثالث: بيان الحق وظهور الحجج.
وفي قراءة أبيّ بن كعب: ما كان الذي كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين، وفي قراءة ابن مسعود: لم يكن المشركون وأهل الكتاب منفكين.
{رسولٌ مِن الله} يعني محمداً.
{يَتْلُواْ صُحُفاً مُطَهّرَةً} يعني القرآن.
ويحتمل ثانياً: يتعقب بنبوته نزول الصحف المطهرة على الأنبياء قبله. وفي {مطهرة} وجهان:
أحدهما: من الشرك، قاله عكرمة.
الثاني: مطهرة الحكم بحسن الذكر والثناء، قاله قتادة.
ويحتمل ثالثاً: لنزولها من عند الله.
{فيها كُتُبٌ قَيِّمةٌ} فيه وجهان:
أحدهما: يعني كتب الله المستقيمة التي جاء القرآن بذكرها، وثبت فيه صدقها، حكاه ابن عيسى.
الثاني: يعني فروض الله العادلة، قاله السدي.
{وما تَفَرَّقَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ} يعني اليهود والنصارى.
{إلاّ مِن بَعْدِ ما جاءتْهم البْيِّنَةُ} فيه قولان:
احدهما: القرآن، قاله أبو العالية.
الثاني: محمد صلى الله عليه وسلم، قاله ابن شجرة.
ويحتمل ثالثاً: البينة ما في كتبهم من صحة نبوته.
{وما أُمِروا إلاّ ليَعْبُدوا الله مُخْلِصينَ له الدِّينَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: مُقِرِّين له بالعبادة.
الثاني: ناوين بقلوبهم وجه الله تعالى في عبادتهم.
الثالث: إذا قال لا إله إلا الله أن يقول على أثرها (الحمد لله)، قاله ابن جرير.
ويحتمل رابعاً: إلا ليخلصوا دينهم في الإقرار بنبوته.
{حُنفاءَ} فيه ستة أوجه:
أحدها: متبعين.
الثاني: مستقيمين، قاله محمد بن كعب.
الثالث: مخلصين، قاله خصيف.
الرابع: مسلمين، قاله الضحاك، وقال الشاعر:
أخليفة الرحمنِ إنا مَعْشرٌ *** حُنفاءُ نسجُدُ بُكرةً وأصيلاً
الخامس: يعني حجّاجاً، قاله ابن عباس؛ وقال عطية العوفي: إذا اجتمع الحنيف والمسلم كان معنى الحنيف الحاج وإذا انفرد الحنيف كان معناه المسلم، وقال سعيد بن جبير: لا تسمي العرب الحنيف إلا لمن حج واختتن.
السادس: أنهم المؤمنون بالرسل كلهم، قاله أبو قلابة.
{ويُقيموا الصّلاةَ ويُؤْتُوا الزّكاةَ وذلكَ دينُ القَيِّمَةِ} وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: معناه وذلك دين الأمة المستقيمة.
الثاني: وذلك دين القضاء القيم، قاله ابن عباس.
الثالث: وذلك الحساب المبين، قاله مقاتل.
ويحتمل رابعاً: وذلك دين من قام لله بحقه.
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب والمشركين فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أولئك هُمْ شَرُّ البرية * إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات أولئك هُمْ خَيْرُ البرية * جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رِّضِىَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}